هو الحسين بن محمد بن عبد النبي بن سليمان بن
أحمد البارباري السنبسي (1) البحراني. عالم وفقيه
إمامي فاضل ، درس على يد عدد من كبار علماء البحرين في عصره ، كان أبرزهم الشيخ
عبد الله بن علي البلادي فأخذ عنه الفقه والحديث وغيرها من العلوم وقراء عليه كتاب
(الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) للشهيد الثاني ، وكتاب (أصول الكافي)
للكليني ، وكان يشاركه في القراءة عليه جم غفير من الفضلاء مثل الشيخ يوسف بن أحمد
البحراني صاحب الحدائق وأخيه الشيخ عبد علي والشيخ محمد بن إبراهيم بن علي المقابي
وغيرهم. وكذلك أخذ عن الشيخ ناصر بن محمد الجارودي أثناء إقامته في البحرين. (2)
وفي حدود سنة 1130هـ خرج من البحرين وارتحل إلى
القطيف وذلك بسبب الإضطرابات التي عصفت بالبحرين بسبب هجوم العمانيين واستيلائهم
عليها ، فاستقر في القطيف مدة من الزمن أخذ فيها عن الشيخ الحسين بن محمد الماحوزي
وكان الشيخ يوسف البحراني كذلك شريكاًَ له في القراءة على هذا الشيخ. (3)
وبعد أن استقرت الأوضاع في البحرين وعاد لها
كثير من أهلها الذين خرجوا منها في تلك الأحداث ، رجع الشيخ حسين –المُتَرجَم- إلى
البحرين ، ويبدو أنه استقر بقرية (البلاد القديم) لملازمة شيخه عبد الله بن علي
البلادي ولمواصلة دراسته عليه. (4) ولما برع
في الفقه والحديث وغيرها من العلوم ، تولى التدريس بمدرسة (الحورة) (5) نيابة عن
شيخه البلادي ، واستمر في التدريس بتلك المدرسة مدة مديدة. (6)
وفي عام 1140هـ سافر إلى مكة بقصد الحج ومكث
بها مدة درس فيها على يد الشيخ محمد باقر النيسابوري المكي والذي كان مقيماً بمكة
، ثم غادرها في حدود سنة 1142هـ راجعاً إلى البحرين. (7)
وفي حدود سنة 1159هـ ارتحل إلى بلاد فارس
قاصداً مدينة (مشهد) لزيارة الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ، وفيها التقى بالشيخ
المعمر محمد رفيع الجيلاني المشهدي وكان عمره آنذاك يقرب من المائة عام ، فأخذ منه
وتتلمذ عليه. (8)
ويبدو أنه عند رجوعه من (مشهد) قرر النزول بـ(الإصطهبانات)
إحدى مدن فارس وآثر الإستقرار بها لبقية حياته ، وقد أجاز تلميذه السيد عبد العزيز
الصافي النجفي في عام 1167هـ بتلك المدينة كما يظهر من بعض القرائن. (9)
ولا نعلم على وجه اليقين ما إذا كان أثناء إقامته بـ(الإصطهبانات)
قد رجع إلى البحرين مدة من الزمن أو كان يزورها بين حين وآخر. إلا أنه كان قد أجاز
تلميذه الشيخ حسين بن عبد الله الحوري البحراني بإجازة مبسوطة في عام 1179هـ ما قد
يدل على أنه رجع إلى البحرين واستقر بها مدة. (10) وعلى أية حال فإن الأمر المؤكد أنه استقر في أواخر حياته
بمدينة (الإصطهبانات) المذكورة ، وبقي بها حتى وقت وفاته. (11)
أقوال العلماء :
قال الشيخ حسن صدر الدين في تكملة الأمل :
(الشيخ حسين بن محمد بن عبد النبي بن سليمان بن
حمد البارباري السنبسي البحراني . له كتاب منهاج الأعمال في أصول الدين، أو منهاج الإذعان
في أصول الإيمان. قال رحمه الله في إجازته للسيد عبد العزيز النجفي عند ذكره لمصنّفات
نفسه وذكر الكتاب. قال : وهو وإن كان مختصرا لكن فوائده كثيرة، وله معراج الكمال في
العبادات. قال: وهو صغير الحجم، وافي بالفوائد، مذكور فيه الدلائل.
قلت: وهذا الشيخ في طبقة صاحب الحدائق والشيخ
أحمدالجزائري صاحب آيات الأحكام ومن المعاصرين له. رأيت له إجازة مبسوطة بخطّه كتبها
سنة 1179 للشيخ حسين بن عبد الله الحوري الأوالي. يروي عن الشيخ عبد الله بن علي البلادي
، وعن الشيخ حسين ابن محمد بن جعفر الماحوزي والشيخ ناصر الجارودي ، وذكر في أول الإجازة
أنه كان شريكا في قراءة بعض الكتب مع الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق ، وأخيه عبد
علي، والشيخ محمد بن ابراهيم بن علي المقابي ، وإن قراءته كانت على هؤلاء الشيوخ الذي
يروي عنهم بالإجازة).(12)
وقال الشيخ حسين ابن
صاحب أنوار البدرين في حاشيته على الأنوار :
(ومن علماء البحرين العالم
الفاضل الكامل الشيخ حسين ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبد النبي البحراني البارباري رأيت
له رسالة حسنة مشتملة على كتاب (الطهارة، والزكاة، والخمس والصوم) وفي آخرها ذكرى صور
الخمسة إلا أن النسخة التي رأيتها عتيقة غير سالمة من الغلط وعليها آثار تصحيح بقلم
جدي العلامة الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح وعلى ظهرها مكتوب ما ذكرناه من وصف المصنف
واسمه وقد نسختها بنفسي لنفسي وصححتها بحسب الممكن والله الموفق).(13)
قال المحقق الطهراني في كتاب الكواكب المنتثرة
:
(الحسين بن محمد بن عبد النبي بن سليمان
السنبسي ،
البلادي البحراني ، الفقيه
الإمامي. تلمذ علىعبد اللّه بن علي البلادي ، وقرأ عليه (الروضة
البهية في شرحاللمعة الدمشقية) للشهيد الثاني ، وأصول (الكافي) للكليني ، وحصل
منه على إجازة. و أخذ وروى عن جماعة ، منهم : الحسين بن محمد بن جعفر الماحوزي البحراني ، وإبراهيم
القطيفي. ومحمد رفيع الجيلاني المازندراني ثمّ المشهدي
الخراساني ، ومحمد باقر النيسابوري المكي ، وناصر
بن محمد الجارودي القطيفي.
وتقدم في عدة فنون. وناب عن أستاذه البلادي في
التدريس في مدرسة الحوري مدةً مديدة. وأجاز لجماعة منهم الحسين بن عبد الله الحوري
الأوالي ، والسيد عبد العزيز بن أحمد الصافي النجفي الذي أجاز هو المترجم أيضاً. وصنّف
كتباً منها : معراج الكمال في الفقه ، منهاج الإذعان في أصول الإيمان ورسالة في
مناسك الحج ، وغير ذلك).(14)
وقال السيد أحمد الحسني في كتاب تراجم الرجال :
(حسين بن محمد بن عبد النبي بن سليمان بن احمد
البارباري السبستي البحراني...يروي عن الشيخ عبدالله بن علي البلادي البحراني والشيخ
حسين بن محمد بن جعفر الماحوزي والشيخ ناصر بن محمد الجارودي. ويروي عنه جماعة ، منهم
الشيخ حسين بن عبدالله البحراني ، أجازه باجازة مبسوطة في سادس ذي الحجة سنة 1179).(15)
والظاهر
أنه هو الذي ترجمه الشيخ عبد النبي القزويني (1200هـ) في تتمة الأمل ولكنه قلب
اسمه فسماه محمد حسين ، وقد وقع في هذا الأمر كثيراً في كتابه المذكور ، فقد قلب مثلاً
اسم الشيخ الحسين بن محمد الماحوزي فجعله محمد حسين الماحوزي. ونص الترجمة كالآتي :
(الشيخ محمد حسين البحراني الاصطهبوناتي. فاضل عظيم القدر
والمنزلة وعالم نبيه الرتبة والدرجة. قد برع في الفضل وفاق ، وقل منه
المثيل والبديل في الآفاق. قد تمهر في جميع الفنون ، وتحذق في اكتناه
الغصون والشجون وهو متكلم
ماهر ، وفى الفقه وأصوله وفروعه بحر زاخر.وبالجملة قد وصل إلى كمال الفضل وبلغ الرتبة ، وله مع ذلك طبع منبسط وحسن عريكة لا ينشبط (ينثبط)، وقوة نفس يتكبر بها على الأكابر ، ويتفوق عليهم بما يستحسن عند الأعاظم والأصاغر.
ورد يزد مسافراً لزيارة على بن موسى الرضا عليه السلام ذهابا وإيابا ، وتبركنا برؤيته أياما. أدام الله بركاته ومتعنا بافاداته. ولنا معه أيضا مكالمات ومقاولات قد جرى بيننا وبينه في رسائل).(16)
شيوخه :
1-الشيخ عبد الله بن علي بن أحمد البلادي
البحراني. حضر حلقة درسه ، وقراء عليه كتاب (الروضة البهية) للشهيد الثاني ، وأصول
الكافي للكليني ، وله منه إجازة.
2-الشيخ الحسين بن محمد بن جعفر الماحوزي البحراني.
2-الشيخ الحسين بن محمد بن جعفر الماحوزي البحراني.
3-الشيخ إبراهيم القطيفي.
4-الشيخ محمد رفيع الجيلاني المازنداني ثم
المشهداني الخراساني.
5-الشيخ محمد باقر النيسابوري الطائفي المكي.
6-الشيخ ناصر بن محمد الجارودي القطيفي.
تلاميذه :
1-الشيخ الحسين بن عبد الله الحوري الأوالي.
وله منه إجازة مبسوطة كتابها في السادس من ذي الحجة سنة 1179هـ.
2-السيد عبد العزيز بن أحمد الصافي النجفي. وله منه إجازة مؤرخة بسنة 1167هـ.
3-السيد علي بن ماجد بن الحسن الموسوي البحراني. وله
منه إجازة بتاريخ الثالث من ربيع الأول سنة 1153هـ. (17)2-السيد عبد العزيز بن أحمد الصافي النجفي. وله منه إجازة مؤرخة بسنة 1167هـ.
آثاره ومصنفاته :
1-منهاج الإذعان في أصول
الإيمان. قال في إجازته للسيد عبد العزيز النجفي بأنه وإن كان
مختصراً إلا أن فوائده كثيرة. جعله مقدمة لكتاب معراج الكمال ، أوله :
(الحمد لمن تنزه عن مطارح الأنظار والأوهام ، والشكر لمن تقدس عن مشارع الأفكار والاوهام ، واسئله أن يجعلها ذخيرة في المآب حين يطلب من العباد الجواب ، مسئلة : معرفة الله واجبة...الخ).
(الحمد لمن تنزه عن مطارح الأنظار والأوهام ، والشكر لمن تقدس عن مشارع الأفكار والاوهام ، واسئله أن يجعلها ذخيرة في المآب حين يطلب من العباد الجواب ، مسئلة : معرفة الله واجبة...الخ).
2-معراج الكمال في
الفقه.
قال في إجازته للسيد النجفي بأنه صغير الحجم وافي الفوائد مذكور فيه الدلائل. أوله:
(الحمد لله الذي أوضح لنا
مسالك شرايع الأحكام ، وقرر لنا ببيانه دروس قواعد الاسلام...الخ).
3-رسالة في مناسك الحج. ذكره في
بعض إجازاته.
4-الإجازة الكبيرة. وهي إجازة كتبها لتلميذة الشيخ حسين بن عبد الله الحوري
البحراني مؤرخة بالسادس من ذي الحجة سنة 1179هـ. وهي مبسوطة ذكر فيها كثيراً من
أحواله وشيوخه وطرقه ومصنفاته.
وفاته :
كانت وفاته في ليلة الأربعاء 18 من شهر صفر سنة 1192هـ
، ودفن في المزار المعروف بـ(يالنكي) في مقبرة الإصطهبانات ، وبنى وراثه عليه قبة
سميت بالحسينية. (18)
___________________
(1) (البارباري) نسبة إلى قرية (باربار) من قرى البحرين ، أما (السنبسي) ففيها أحتمالين : فإما أن تكون نسبة إلى قرية (السنابس) وهي كذلك من قرى البحرين ، ولكن قد يضعف هذا الإحتمال أن الشائع بين بعض أهل تلك القرية من أنها حديثة التسمية ، كما أن النسبة اليها (سنابسي) لا (سنبسي) ؛ والإحتمال الثاني أن تكون نسبة إلى بني سنبس فرع من قبيلة طيء والمنسوب لهم يقال له (سنبسي). فالأمر دائر بين هذين الإحتمالين.
(2)ذكره في إجازته لتلميذه الشيخ الحسين بن عبد
الله الحوري ، وراجع الذريعة في تصانيف الشيعة 1/19.
(3)ذكر في اجازته أنه درس على يد الشيخ الحسين
بن محمد الماحوزي وكان شريكه في الدرس الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق ، والشيخ
يوسف المذكور لم يأخذ عن الشيخ الماحوزي إلا في القطيف بعد خروجهم من البحرين بسبب
هجوم العمانيين اليعاربة عليها.
(4)يظهر ذلك من وصف المصادر له بـ(البلادي) ما
يدل على أنه سكن بقرية (البلاد القديم) مدة من الزمن ، والأرجح أن ذلك كان للدراسة
على شيخه المذكور.
(5)يبدو أنها إحدى مدارس البحرين القديمة التي
كانت تهتم بتدرس العلوم الشرعية ، وكانت مثل هذه المدارس منتشرة في مختلف أنحاء
البحرين في ذلك الوقت. و(الحورة) قرية من قرى البحرين قريبة من المنامة.
(6)الكواكب المنتثرة للمحقق الطهراني.
(7)ذكر في إجازته أنه أخذ عن الشيخ محمد باقر
النيسابوري المكي وأن الشيخ المذكور توفي بعد تركه لمكة بسنتين ، ووفاة الشيخ
النيسابوري كانت في سنة (1144هـ).
(8)ذكر في إجازته أنه اخذ عن الشيخ محمد رفيع
الجيلاني (ت1160هـ) وكان عمره يقرب من 100عام. وهذا يعني أنه اخذ منه قبل وفاته
بفترة قصيرة فرجحنا أن يكون سفره الى (مشهد) في حدود سنة 1159هـ تقديراً.
(9)يدل على ذلك أن السيد عبد العزيز النجفي قد
استجاز من الشيخ يوسف البحراني في عام 1165هـ وكان انذاك ساكنا في الإصطهبانات كما
في لؤلؤة البحرين ، واجازه الشيخ الحسين السنبسي –المترجم- في سنة 1167هـ ما يرجح
أنه كان قد استقر بالإصطهبانات في تلك الفترة.
(10)الذريعة 1/19.
(11)سيأتي تفصيلة عند ذكر وفاته.
(12)تكملة أمل الآمل للسيد حسن صدر الدين 2/518.
(13)أنوار البدرين ، حاشية صفحة 114.
(14)الكواكب المنتثرة للمحقق الطهراني.
(15)تراجم الرجال لأحمد الحسني 1/289.
(16)تتمة الأمل للشيخ عبد
النبي القزويني صفحة 116.
(17)نقل السيد أحمد الحسيني في تراجم الرجال
2/191 عن كتاب الكواكب المنتثرة للمحقق الطهراني أن الشيخ حسين بن حمد البارباري
البحراني اجاز للسيد علي بن ماجد الموسوي البحراني ، ومن الواضح أن الشيخ حسين
المذكور هو شيخنا المترجَم ولكن حصل تصحيف في اسم والده من محمد إلى حمد.
(18)قال المحقق الطهراني في كتاب الكواكب
المنتثرة :(توفي في شهر صفر سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف
، ودفن في المزار المعروف بـ(يالنكي) في مقبرة اصطهبانات).
وقال السيد أحمد الحسيني في تراجم الرجال
1/289:(ووجدت بعدُ اجازة له نقلا
عن بعض تلامذته : انه توفي ليلة الاربعاء 18 صفر سنة 1192 ودفن في المزار المعروف ب
" يالنكى " في مقبرة اصطهبانات وبنى وراثه عليه قبة سميت بالحسينية).