الأحد، 24 مايو 2015

وثيقة نادرة عمرها حدود 550 عام..تصف بعض أحوال أهل البحرين والقطيف والأحساء




وثيقة عمرها حدود الخمسمائة وخمسين عام ، وهي رسالة (قبس الإقتداء) لإبن أبي جمهور الأحسائي ، ذكر فيها أن كثيراً من الشيعة في عصره لاسيما أهل هجر والخط وجزيرة أوال مطبقون على تقليد الأموات ، والأخذ عن علمائهم الذي لا يتورعون عن افتائهم رغم انهم لم يستجمعوا شرائط الإجتهاد والإفتاء ، مكتفين في ذلك بتقليد علمائهم المتقدمين.
ويذكر ابن أبي جمهور أنه هو نفسه كان على تلك الطريقة من تقليد الأموات ، حتى يسر الله له الإرتحال الى العراق ولقاء علمائها ، لا سيما الشيخ الجليل جمال الدين حسن بن عبد الكريم الفتال الذي نبهه على فساد طريقة التقليد ، ووجوب الأخذ عن العلماء المجتهدين الذين استكملوا شرائط الاجتهاد.

ولذلك ألف ابن أبي جمهور هذه الرسالة ، واسماها (قبس الإقتداء في شرائط الإفتاء والإستفتاء) ، وأتم كتابتها سنة ثمانمائة وتسعة وثمانين هجرية ، وقال في مقدمتها يشرح سبب التأليف :
(سألت ايها الأخ الأعز ، أطال الله بقائك ولا اعدمنا الله رؤياك ، املاء رسالة تشتمل على احياء ما اندرس من معالم دين العترة الطاهرة ، بجناية ايدي أهل هذا العصر وخصوصا قاطني قرى البحرين من أهل التشيع هجر والخط وجزيرة أوال من اتباع أهل التقليد ، وإطباقهم على الإستفتاء في الشريعة المحمدية من المقلدين الذين بين أظهرهم ، الذين هم جل علمائهم في هذا الوقت ، وإطباق اولائك العلماء على الإفتاء لعوامهم من غير تحرج ولا توقف ولا استظهار ولا تورع وإنكار ، والإصرار على ذلك ، مع انهم لم يأخذوا وافي العلم بإتباع الأصول ، ولا وقفوا على تصحيح شرايط الافتاء والإستفتاء الواجبة على الأعيان...).

ومؤلف الرسالة ، هو الشيخ محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الشيباني الأحسائي. عالم وفقيه ومحدث ، وأحد العلماء البارزين في عصره. أخذ العلم عن والده ، وعن الشيخ علي بن هلال الجزائري ، وحرز الدين الأوالي ، والحسن بن عبد الكريم الفتال وغيرهم من العلماء. وله مؤلفات عديدة أشهرها : غوالي اللآلي في الحديث ، والمجلّي في الفلسفة وعلم الكلام ، ورسائل في الأصول..وغيرها. وكانت وفاته تقديراً سنة تسعمائة وأربعة للهجرة.

السبت، 23 مايو 2015

الشيخ محمد بن عبد الله العبدي البحراني (حياً سنة 403هـ / 1012م)

هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد العبدي البحراني -نسبة إلى عبد القيس- ، فقيه إمامي من علماء البحرين (بالمعنى العام) ، تتلمذ على يد الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان المعروف بابن المعلم أحد أعظم علماء الشيعة الإمامية وأشهرهم على الإطلاق ، وقرأ عليه وله منه إجازة. 

وكتب بخطه نسخة من كتاب أمالي (أو مجالس) شيخه المفيد ثم قرأها عليه ، فكتب له الشيخ المفيد إجازة على ظهر تلك النسخة في حدود سنة 403هـ ، نصها :
(قراء علي هذه النسخة من أولها إلى آخرها الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الله العبدي البحراني أدام الله عزه وصححها ، كتب محمد بن محمد بن النعمان في شهر...). 
وبقية نص الإجازة الذي يحتوي التاريخ كان قد اندرس ، إلا أن النسخة نفسها كتبت في شهر صفر حدود سنة 403هـ فلاشك أن الإجازة كانت في تلك السنة.




وقد جاء ذلك في نسخة من كتاب (أمالي المفيد) كتبها أحد نُسّاخ القرن الثامن الهجري نقلاً عن نسخة بخط الشيخ الفقيه محمد بن إدريس الحلي فرغ منها في سنة 573هـ ، وقد نقلها ابن ادريس عن نسخة بخط الشيخ محمد بن عبد الله العبدي البحراني كتبت في حدود شهر صفر سنة 403هـ مقروءة على الشيخ المفيد وفي آخرها قراءة أو إجازة من الشيخ المفيد للشيخ العبدي البحراني. وقد نقل ابن ادريس تلك الإجازة في نسخته.






ولا تزودنا المصادر عن الشيخ محمد بن عبد الله العبدي البحراني بأكثر مما ذكرنا ، فهو من علماء البحرين المغمورين الذين أهملت كتب التواريخ والتراجم تفصيل أحوالهم وأخبارهم سوى بعض الشذرات المتفرقة واللمحات اليسيرة. إلا أنها تكشف لنا عن أحد أعلام الإمامية في البحرين في القرن الرابع الهجري والذي يمثل فترة حساسة ومهمة من تاريخ تلك البلاد ، حيث كانت خاضعة لحكم القرامطة انذاك.

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

المؤرخ راشد بن فاضل البنعلي (1960م)..يعترف بأصالة "شيعة البحرين" !!


الشيخ راشد بن فاضل بن سيف البنعلي العتبي (1877م/1960م) ، ربان ومؤرخ ونسابة ، وأحد أعلام أسرة آل بن علي العتوب والعارفين بتاريخهم وأنسابهم ، ولد بمدينة الحد في البحرين ثم أنتقل مع والده إلى قطر حيث أستقر بها مدة وأتصل بحكامها وصار له عندهم حظوة ، ثم أنتقل منها أخيراً إلى بلدة دارين حيث توفي فيها. ألف عدة كتب أبرزها كتاب (مجموع الفضائل في فن النسب وتاريخ القبائل) فصّل فيه نسب وتاريخ أسرته المذكورة ، وأضاف إليه نبذة عن تاريخ إمارات الخليج وأسرها الحاكمة.

وتطرق في كتابه المذكور إلى تاريخ البحرين والوقائع التي جرت عليها في أواخر القرن الثامن عشر من دخول العتوب وسيطرتهم عليها وما تبع ذلك من أحداث. ثم عقد بعد ذلك فصلاً في ذكر سكان البحرين آنذاك ، من القبائل التي رافقت العتوب في دخولهم إلى البحرين ومن أستوطنها من الهولة أو عرب جنوب إيران وغيرهم ممن نزل وأستقر بها.
وقد أشار أثناء ذلك بشكل صريح ، إلى أصالة شيعة البحرين (البحارنة) وأقدميتهم فيها على من سواهم ، حيث وصفهم بقوله : (الشيعة القديمين من عبد القيس ، أقدم من غيرهم).

ولهذه الوثيقة أهمية خاصة ، إذ أنها صادرة من أحد أعلام العتوب ومؤرخيهم ومن يُرجع إليه ويركن إلى قوله في معرفة تواريخهم وأنسابهم (1) ، إضافة إلى أن أسرة آل بن علي التي ينتمي إليها المؤرخ كانت لهم تجارة قديمة في البحرين ، أثناء أستقرارهم بمدينتي الزبارة وفريحة في قطر، وكان لهم معرفة وتعامل مع أهل البحرين منذ زمن بعيد ، وهو ما تثبته بعض وثائق تلك الأسرة.



نص الوثيقة :

(ذكر أشهر قبائل البحرين آنذاك :
الخليفة ، آل بن علي ، المعاودة ، الجلاهمة ، المنانعة ، السادة ، المضاحكة ، الفاضل من الخليفة ، البوعينيين ، النعيم ، السلطة ، الدواسر ، آل فاضل ، أفضول ، السعود ، القمرة ، البوفلاسة ، المهاندة ، البوكواره ، الشيعة القديمين من عبد القيس أقدم من غيرهم ، وكذلك كثير تبلد وكثير في البحرين من إيرانيين(2) ما نعرف لهم قبيلة معلومة).(3)


***


فائدة : أورد محقق كتاب (مجموع الفضائل) في آخره صورة لوثيقتين نادرتين تعودان لأسرة آل بن علي ، تتعلقان بشراء نخل من البحرين ، حيث كانت الأسرة مستقرة آنذاك بمدينتي الزبارة وفريحة من قطر وكانوا ينزلون البحرين بقصد التجارة وشراء صرم النخل وصيد اللؤلؤ (4). والأمر الملفت في هاتين الوثيقتين إضافة لكونهما ترجعان إلى الفترة السابقة لسيطرة العتوب على البحرين أو لبداياتها ، هو أن جميع الشهود والبائعين والكتَاب في هاتين الوثيقتين هم من البحارنة تحديداً. وإليك صورتهما:


الوثيقة الأولى :



وهي وثيقة شراء نخل من جزيرة سترة من أعمال البحرين ، مؤرخة بالثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 1111ه (الموافق 1699م) أي أنها كتبت قبل ما يزيد على 300 سنة ، ونصها كالتالي :

(مضمونه الصحيح أنه قد باعت المسترة مريم بنت أحمد السندي جناب الأمجد الممجد الشيخ سلامة بن سيف الصرمة المعلومة بينهما المعروفة بصرمة منيخل الكائنة بسيحة القرية من سترة بجميع مالها من حدود وحقوق وتوابع ولواحق من نخيل وفسيل وصناء وماء وأرض وسماء ومجرى ومرمى وجميع المتعلقات الشرعية والعرفية واللغوية على العموم والإطلاق بثمن قدره وعده ماية محمدية وعشرون محمدية نصف ذلك عن الريب ستون محمدية من السالك في المعاملة بيعا صحيحا شرعيا مرعيا معتبرا مشتملا على أركان الصحة من إيجاب وقبول وقبض واقباض وإسقاط جميع الغبن والايمان والدعاوى والخيارات مطلقا فبذلك لم يبقى للبايع حق ولا مستحق ولا دعوى ولا جهالة ولا غرر بل صار ملكا للمشترى يتصرف فيه حيث شاء كتصرف الملاك في أملاكهم وذوى الحقوق في حقوقهم وجرى البيع باليوم الثاني شهر ربيع المولد سنة 1111 هجري وكتب شاهداً الأقل عبد الله بن محمد الستراوي عفي عنهما.
الشهود :
1-وقع ذلك بمحضر المقدس مرهون بن يوسف بن علي القروي الستراوي.
2-يشهد بذلك الأكرم عبد الله بن شعبان القروي الستراوي.
3-وقع ذلك بمحضر الأكرم درباس بن الحاجي علي القروي الستراوي وكتب عنه بأمره.
4-يشهد بذلك الأكرم علي بن إبراهيم القروي الستراوي وكتب عنه بأمره.
5-وذلك بمحضر الأكرم الحاجي أحمد بن الحاجى عبد الحسين القروي الستراوي.
6-وقع ذلك بمحضر الأكرم درويش بن عبد الله أبودبوس).


الوثيقة الثانية :



وهي وثيقة شراء نخل وصرمة في جزيرة النبي صالح من البحرين ، وهي مؤرخة بالثاني والعشرين من شهر شعبان سنة 1219هـ ، أي بعد دخول البحرين تحت سيطرة العتوب بنحو عشرين عاماً فقط. ونصها كالتالي:

(دل مضمون هذا الصك بغير مين ولاشك على انه قد باع صالح بن عبد العال الجزيري لقيامة مقام جمعة بن عذبي الجلهمي جناب أخيه عبد الله بن عبد العال لقيامة مقام محمد بن درباس العتبي تمام وكمال النخل المعلوم بينهما المعروف بستيان مع الصرمة التابعة له المسماة بابن جبر الكائنة بساحة الجزيرة من أعمال البحرين بجميع ماله من حدود وحقوق وتوابع ولواحق وضمايم وعلايق من نخيل وفسيل وصنا وماء وارض وسماء ومرمى ومجرى الماء وجميع المتعلقات وكافة المنسوبات على العموم والإطلاق بثمن قدره خمسة عشر ألف محمدية عبارة عن مائة وخمسين تومانا النصف سبعة آلاف محمدية وخمس مائة محمدية بيعا صحيحا صريحا شرعيا مرعيا معتبرا بتا بتلا لا ثنيا فيه ولا خيار فبموجبة ومقتضاه وصريحه وفحواه انه لم يبق لجمعة فيما بيع حق ولا مستحق ولا دعوى ولا طلب بوجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب بل هو ملك لمحمد بن درباس يتصرف فيه كيف أراد تصرف الملاك في أملاكهم وذوى الحقوق في حقوقهم وجرى ذلك في اليوم الثاني من شعبان سنة 1219 هجري التاسعة عشرة والمائتين والألف وكتب شاهدا به الأقل الجاني عبد العلي بن أحمد بن علي الجد علي البحراني.

الشهود :
1-حمد ابن راشد ابن ..... ؟ ..... العتبي.
2-الشيخ سلطان ابن سلامة ابن سيف العتبي.
3-يحيى ابن حمد ابن درع العتبي.
والله خير الشاهدين

4-وقع البيع بمحضري وأنا الأقل الجاني عبد الله حسين بن حسين بن محمد البحراني.
5-فمن يشهد بصحة ما رقم فقير ربه المدين عبد العلي بن أحمد بن عبد العلي آل عصفور عفي عنهم.
6-وقع ذلك كذلك بمحضري الأقل حسين بن حسن الحجري.
7-شهد بذلك حسين ابن عبد القاهر الحسيني الإصبعي.
).


_____________________________

1-يذكر أن القاضي أحمد بن حجر أرسل برسالة إلى الشيخ راشد بن فاضل يسأله فيها عن نسبه وعن قرابتهم مع آل بن علي ، فأجابه الشيخ راشد بجواب مسهب يدل على مدى براعته ودرايته بهذا الفن. راجع مقدمة المحقق لكتاب (مجموع الفضائل).
2-لعله قصد بالإيرانيين هنا عرب جنوب إيران المعروفين بـ(الهولة) ، إذ لو كان يقصد الفرس أو العجم لما قال بأنه لا تعرف لهم قبيلة.
3- كتاب مجموع الفضائل ص 70.
4-راجع التحفة النبهانية لمحمد بن خليفة النبهاني ، ص85.
(والوثيقة استفدناها من حساب al_baharnah@ على الإنستغرام للشيخ بشار العالي)


الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

الشيخ محمد بن المبارك بن صالح البحراني..نزيل بني جمرة (991هـ/1583م)


هو الشيخ محمد بن المبارك بن صالح بن محمد البحراني ، نزيل (بني جمرة) من قرى البحرين. فقيه وعالم فاضل ،كتب بخطه نسخة من كتاب (مسالك الأفهام) في الفقه الإمامي للشهيد الثاني ، أتم كتابتها نهار يوم الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة سنة 991هـ.

وكتب على حواشي تلك النسخة تصحيحات وتعليقات وشروح عديدة بخطه ، تدل على معرفته القوية بعلوم الفقه الحديث واللغة. وله في بعض تلك التعليقات اعتراضات شديدة على المصنف ، وهو أمر غريب وفيه جرأت كبيرة منه ، إذ أن المصنف وهو الشيخ زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني يعد أحد أبرز فقهاء الشيعة على الإطلاق وممن انتهت إليهم رئاسة الشيعة في زمنه وله عندهم من جلالة القدر وعظيم المنزلة ما هو معروف. وليس من المتصور أن يعترض عالم صغير أو طالب علم مغمور على مثل الشهيد الثاني بهذه الاعتراضات الشديدة التي قد يصل بعضها إلى حد التشنيع.وهو ما يدل على أن الشيخ محمد بن المبارك –المُتَرجَم- كان من الفقهاء الكبار في وقته ، وله من الإحاطة بقواعد الفقه وفروعه ما يؤهله لأن يناقش الشهيد في آرائه ويصحح له ويعترض عليه.

وعلى الرغم من ذلك فإن الشيخ محمد بن المبارك يعد كحال كثير من أعلام البحرين من الشخصيات التي أهملها المؤرخون والمترجمون فلم يصلنا الكثير عن حياته وآثاره ، إلا أن في تعليقاته وتصحيحاته التي كتبها على نسخته من كتاب (مسالك الأفهام) ما يمكن أن يكشف لنا عن جانب من مستواه العلمي وشخصيته وأسلوبه.



وهذه التعليقات غالباً ما كان يبدؤها بعبارات مثل (قال محمد بن المبارك) أو (قال محمد كاتب هذه المسودة) ونحوها ، الأمر الذي يسهل تمييز تعليقاته عن تعليقات غيره من متملكي النسخة. ويمكن تقسيم هذه التعليقات إلى ثلاثة أقسام : تعليقات فقهية ، وتعليقات أو تصحيحات ترتبط بالبيان والبلاغة ، وتعليقات حول علم الحديث والرجال ، إضافة إلى تعليقات أخرى متفرقة. ونذكر هنا نماذج من هذه التعليقات ، نبدأها بنص المصنف أولاً ثم نتبعه بالتعليق :

أولا- التعليقات الفقهية :

1- النص :
(واعلم أن تعبير المصنف بالرجلين والرجل والمرأتين والأربع نساء وقع على سبيل المثال. وليس بجيد. ولو عبر بالأخوين أو الذكرين والأختين أو الأنثيين كان أجود، ليشمل الصغير منهما والكبير، للإجماع على عدم اشتراط الرجولية وما في معناها).
التعليق :
(قال محمد بن المبارك : ولعله عبر بذلك لأنه أصرح لتخرج الخنثى المشكل ، إذ قد تشملها الذكورة والأنوثة).

2- النص :
(وقال المرتضى وتبعه جماعة منهم معين الدين المصري وابن إدريس : أن أولاد الأولاد يقتسمون تقاسم الأولاد من غير اعتبار من تقربوا به ، حتى لو خلف بنت ابن وابن بنت فللذكر الثلثان وللأنثى الثلث، ولو كان مع ابن البنت أحد الأبوين أو هما فكما لو كانا مع الابن للصلب، ولو كانا مع بنت الابن فكما لو كانا مع البنت).
التعليق :
(قال محمد : هذا غلط فاحش لأن الأبوين لا يكونان للصلب وإنما هو مع الأبوين ابن الابن للصلب ، وفيه أيضاً خلل بحسب آخر البحث).

3- النص :
(إحصان المقذوف شرط في وجوب الحد على قاذفه، قال تعالى: (والذين يرمون المحصنات) الآية. والمراد به هنا الجمع لأمور أربعة: التكليف، وهو يعتمد البلوغ والعقل، والحرية، والإسلام، والعفة عن الزنا).
التعليق :
(قال محمد كاتب هذه المسودة : هي خمسة ولكن الشارح جعلها أربعة ، كأنه جعل البلوغ والعقل واحداً ، كقوله "من بلغ عاقلاً" إذ الغير رشيد بحكم الصبي).

4-النص :
(قوله صلى الله عليه وآله: ما عدل وال اتجر في رعيته أبدا. ولأنه قد يحابى بسبب القضاء فيميل قلبه إلى من حاباه إذا وقعت بينه وبين غيره حكومة. وربما خاف خصم من عامله من ميل القاضي عليه ، فيمتنع من رفعه. وسبيله فيما يحتاج إليه من بيع وشراء أن يوكل من لا يعرف أنه وكيله لئلا يحابى وكيله أيضا لأجله ، فإذا عرف شخص بوكالته أبدله بآخر ، فإن لم يجد من يوكله عقد بنفسه للضرورة).
التعليق :
(قال محمد كاتب هذه المسودة : على هذا التعليل إذاً ينبغي له أن يترك جميع المستحبات كإجابة من دعاه إلى طعام من المؤمنين وغير ذلك ، بل يحتمل أن تكون الصلة غير ذلك ، وهو أن لا يقبل شهادة من قد شهد له ، وهو (فطنة) تهمتة أن يقبله له ولا يقبل ولائمه).

5- النص :
(ويناسب حمل أدلة المنع على شهادته على مولاه مشابهته للولد في عدم قبول شهادته على والده، لاشتراكهما في وجوب الطاعة وتحريم العصيان والعقوق. وفيه نظر، لان حمل أخبار المنع على ذلك غير متعين، لما ذكرناه سابقا، ولما سيأتي من الاخبار الدالة على المنع من شهادته على غيره من الاحرار، فيمكن حملها عليه. وتشبيهه بالولد ممنوع).
التعليق :
(قال محمد كاتب هذه المسودة : بل العلة في الولد حاصلة في العبد ، وهو الغضاضة بإقامة الشهادة إذا بارزه بها تلقاء وجهه ، ويتطرق عليها ضرر عظيم...).

6- النص : (حول إقرار الزاني على نفسه بالزنا)
(ولو قال: زنيت بفلانة، لم يثبت الزنا في طرفه، حتى يكرره أربعا. وهل يثبت القذف للمرأة؟ فيه تردد. العقوبة بدون ما وقع الاتفاق عليه. ولان هذا الاختلاف مع ورود الواقعة كذلك شبهة يدرأ بها الحد. وأطلق الاكثر...ثبوته بالاقرار أربعا، لأصالة عدم اشتراط التعدد...والأقوى عدم الاشتراط، لعدم دليل يقتضيه).
التعليق :
(قال محمد كاتب هذه المسودة : فعلى هذا الأختيار لو قال "أني زنيت زنيت زنيت زنيت" ولاءً ثبت الحد ، وفيه ما فيه لكونه منافياً لتعريض الحاكم ، وكونه أيضاً مبنياً على التخفيف).

ثانياً-التعليقات المرتبطة بالبلاغة والبيان :

1- النص :
(وكذا لو خلف ابن أخيه لأبيه وأمه وابن أخيه لامه، أو خلف أخا وأختا لأبويه مع جد أو جدة، المال بينهم أثلاثا، وسقط اعتبار نسب الأب. لها، وقد تضمن إقراره شيئا على نفسه وشيئا لها، فيصح الأول دون الثاني).
التعليق :
(قال محمد كاتب هذه المسودة : سبحان الله ما بين الفصيح والسخيف إلا ما بين الحاجب إلى العين ، لو قال "شيئاً على نفسه وشيئاً على غيره" لكان انظم وأفصح وأشمل...).

2- النص :
(من شرط قبول الشهادة إسلام الشاهد، وهو بالنسبة إلى غير الذمي موضع وفاق، وكذلك فيه في غير الوصية).
التعليق :
(قال محمد : لو قال "فيما عدا الوصية" لكان أحكم وأكمل وأشمل وأضبط للقيد).

3-النص :
 (هذا كله إذا لم يعينوا الزاني، ومع تعيينه فالحكم فيه كالمرأة، لاشتراكهما في المقتضي).
التعليق :
(قال محمد : قوله "هذا كله..الخ" ، ليس من الفصاحة ، لأنه لا يقال "هذا كله" و"هذا إذا" وما أشبهه ، إلا إذا كان الحكم الآتي مخالفاً ، وكان يكفي قوله (وحكا..) بها حكمها في وجوب الحد وعدمه).

4- النص :
(وجوب الحد حيث يثبت موجبه فوري، ومن ثم لم تجز فيه الكفالة، لأدائها إلى تأخيره، وهو غير جائز مع إمكان تعجيله. واحترز بالإمكان والأمن عن حد المريض والحبلى ونحوهما، فإنه يؤخر إلى أن يبرأ حيث لا تقتضي المصلحة تعجيله محققا كما سبق).
التعليق :
(قال محمد كاتب هذه المسودة : بين الفصيح والهجين أقرب من الحاجب إلى العين ، لو قال "كالهارب ومثله فإنه يؤخر إلى حيث يتمكن منه" كان أشمل وليندرج فيه ما عداه).

5- النص :
(ولعل هذا الاحتمال يندفع، بأنه لو كان واقعا، لدفع به عن نفسه. أما لو ادعاه، فلا حد).
التعليق :
(قال محمد : لو قال "إذ لو ادعاه...الخ" كان أسبك للعبارة ، وألطف للسمع).

ثالثاً-التعليقات المرتبطة بعلم الحديث والرجال :

1- النص :
(وهذا كله مبني على ثبوت الخبر الوارد بذلك، بل تواتره، لان غير المتواتر لا يوجب الحجة عنده، ونحن ومن قبلنا لم يمكنا إثباته بسند معتمد، فضلا عن كونه متواترا. واعتذر له في المختلف بجواز كونه متواترا في زمانه ثم انقطع. ولا يخفى ما فيه من التكلف وظهور المنع).
التعليق :
(قال محمد : نعم هو ظاهر التكلف ، لأن التواتر لا ينقطع حتى (القيمة) ومن ذلك سمي تواتر ، كخبر شجاعة علي...).

2- النص :
(ورواية البزنطي عن الباقر عليه السلام: "في رجل قتل رجلا عمدا ثم فر ولم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال أخذ منه وإلا أخذ من الأقرب فالأقرب").
التعليق :
(قال محمد : إن كان أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، فهو الراوي عن الرضا ، لا عن الباقر).


............................................
(الهوامش)
1-كتاب مسالك الأفهام في شرح كتاب شرائع الإسلام للشهيد الثاني، هو شرح على كتاب شرائع الإسلام للمحقق الحلي. راجع الذريعة 6/199.
2- هو الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد بن محمد الجبعي العاملي الشامي ، الشهير بالشهيد الثاني. من أبرز فقهاء الشيعة الإمامية في القرن العاشر الهجري وأحد من أنتهت إليهم رئاسة الإمامية في زمنه. وله مصنفات عديدة في الفقه وغيره. قتل سنة 966 في القسطنطينة لأجل تشيعة ولمقتله قصة مذكورة في المصادر. راجع أمل الآمل للحر العاملي صفحة 90.
3-وصف نفسه في آخر النسخة بقوله :
(وكتب هذه المسودة فرغاً أقل من أقتفى أثر الإسلام بالدليل القطعي ، عبده الأصغر عملاً ، الأكبر جرماً وزللاً ، محمد بن المبارك بن صالح بن محمد البحراني ، نزيل بني جمرة. نهار اليوم المذكور في كلام المصنف عصره حادي عشر أوسط أشهر الحج لسنة إحدى وتسعين وتسعماية ، غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات إنه قدير غفور ، آمين آمين آمين).

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

[وثيقة] الربان العربي (أحمد بن ماجد) يصف البحرين..قبل نحو 540 سنة


وصف جزيرة البحرين (أوال) كما جاء عند الربان العربي أحمد بن ماجد (906هـ/1500م) في كتاب (الفوائد في علم البحر والقواعد) المؤلف سنة (895هـ/1489).
وهو الربان أحمد بن ماجد بن محمد بن أبي الركائب السعدي الجلفاري العماني ، أحد أشهر الملاحين العرب وأبرزهم في عصره ، ولد في مدينة جلفار لأسرة عريقة في علوم البحار حيث كان والده أحد الربابنة البارزين في زمنه وعليه تتلمذ ابن ماجد منذ صغره وأخذ عنه حتى برع في علوم الفلك والملاحة والجغرافيا ، وصقل هذه العلوم بالتجربة والممارسة فقد  كان يرافق والده في رحلاته البحرية منذ صغره وكان والده حريصاً على تلقينه كل علمه وخبرته ، فما أتم ابن ماجد العشرين حتى أتقن ذلك العلم وحصلت له الإحاطة التامة بالطرق الملاحية في الخليج العربي والبحر الأحمر والمحيط الهندي ونواحيها ، وألف في ذلك مصنفات ورسائل عديدة ، أصبحت مرجعاً في هذا الفن لمن جاءوا بعده لعقود طويلة.

وتكمن أهمية وصف ابن ماجد للبحرين في اطلاعه الواسع ومعرفته التامة بمواضع الخليج وبلداته وجزائره ، ولا شك أن ابن ماجد كان قد زار البحرين في رحلاته مرات عديدة ووقف على أحوالها بنفسه ، فإخباره عنها نابع عن معرفة وخبرة ولا عن سماع أو رواية.
ويشير ابن ماجد إلى أن البحرين في وقته كانت خاضعة لحكم الأمير أجود بن زامل الجبري العامري ملك الأحساء ، وكان قد أعطاه أياها مع القطيف السلطان سرغل بن نورشاه ملك هرمز مقابل مساعدته ضد أخيه الذي نازعه في الملك سنة 880 هـ ، وكانت البحرين والقطيف خاضعتين لمملكة هرمز قبل ذلك.


صورة الوثيقة :


نص الوثيقة :

(الجزيرة الثامنة :
وهي البحرين المتقدم ذكرها ، وتسمى أوال ، وفيها ثلاثمائة وستون قرية ، وفيها الماء الحالي من جملة جوانبها ، وأعجب ما فيها مكان يقال له القصاصير يغوص الإنسان في البحر المالح بالقربة ويملأها من الماء الحالي وهو غرقان في الماء المالح. قوله تعالى : (هذا عذب فرات سائغ شربه ، وهذا ملح أجاج) لأنه مختلط ، المالح من فوق والحالي من تحت وهو على ثلاث قامات رجال طوال أو ثلاثة أنواع المالح والحالي من تحت.
وحواليها معادن اللؤلؤ وعدة جزر كلها معادن اللؤلؤ ، يأوي عليها قريب ألف مركب ، وفيها جملة من قبائل من العرب ، وجملة من تجار ، وفيها جملة من النخيل المثمرات اللواتي تضرب الأوصاف ، والخيل والإبل والبقر والأغنام. 
وفيها عيون جارية ورمان وأترج و(ليم) ، وهي في غاية العماره. وهي في تاريخ الكتاب لأجود بن زامل بن حصين العامري ، أعطاه لها هي والقطيف السلطان سرغل بن نورشاه ، على ان يقوم بنصره على إخوته ، ويملكه جزيرة جَرُون هرموز المتقدم ذكرها ، وكتب بها عليه حجج ، واستثنى بعض بساتينها. ففعل له ذلك ، وملكه جرون ، وأخذ القطيف والبحرين في عام ثمانين وثمانمائة...).

السبت، 13 يوليو 2013

تقرير هولندي بتاريخ (1756م) يشير لحدوث هجرات ملحوظة بين أهل البحرين بسبب هجمات العتوب والهولة


في حدود النصف الأول من العام 1756م حُرر تقرير هولندي يرجح أنه يعود إلى المقيم السياسي الهولندي في الخليج (تيد وفون كنيبهازن) ، موجهاً إلى (جاكوب موسيل) الحاكم العام للهند الهولندية ومدير شركة الهند الشرقية الهولندية. وهو تقرير طويل ومفصل وغني بالمعلومات التاريخية والوصف الدقيق لسواحل الخليج وأهم الأحداث والوقائع التاريخية التي جرت عليه ، ويصف بدقة سكان الخليج وطبائعهم وعاداتهم ومعتقداتهم وغير ذلك من التفاصيل المهمة.

ويشير هذا التقرير أثناء حديثه عن مدينة (بوشهر) إلى أن حاكمها الشيخ ناصر آل مذكور كان يطمح إلى الاستيلاء على جزيرة البحرين –والتي كان تحت حكم آل حرم- وضمها لملكه ، واستطاع إقناع عشيرة (العتوب) الساكنة بالقرين (الكويت حالياً) بمساعدته في هذا المشروع ، وذلك مقابل السماح لهم بالغوص في مغاصات اللؤلؤ دون دفع أي من الضرائب المعتادة. وبعد عقد هذا التحالف توجه الشيخ ناصر المذكور لحصار البحرين ، إلا أنه واجهة مصاعب عديدة بسبب تلقي (آل حرم) للدعم من قبل بعض زعماء الهولة بالمقاتلين والرجال ، فمني بخسائر كبيرة وتعذر عليه تحقيق هدفه. فعمل عند ذلك على استمالة زعيم (بندر طاهري) حليف (آل حرم) إلى جانبه وحظه على التخلي عن دعمه لـ(آل حرم) وذلك مقابل التعهد له بدفع 14000 روبية من واردات البحرين سنوياً. وتحقق له ذلك ، فأدرك (آل حرم) عندها ضعف موقفهم فاستسلموا وغادروا الجزيرة. ودخلت البحرين بذلك تحت حكم الشيخ ناصر آل مذكور.

ويشير التقرير إلى أن العتوب والهولة(1) بعد هذه الحادثة أصبحوا يغوصون في أرصفة اللؤلؤ في البحرين طوال أربعة أشهر دون دفع أية ضرائب ، وكانوا ينزلون بشكل يومي إلى سواحل الجزيرة ويعتدون على أهلها ويشنون الغارات والهجمات على القرى القريبة من الساحل فيقطعون النخيل ويخربون المزارع ، فلا يتمكن أصحابها من جني محصولها وبالتالي لا يستطيعون دفع الضرائب المفروضة عليهم ، فيضطرون إلى هجرة أراضيهم والهرب إلى المناطق القريبة كالقطيف أو البصرة أو غيرها. والشيخ ناصر المذكور عاجز عن إيقاف هذه الاعتداءات لأنها كانت تتم بمشاركة حلفائه العتوب والهولة ، ولم تكن عنده من القوة ما يكفي لإخافتهم أو ردعهم(2)

ويجدر بالذكر أن بعض المصادر الأخرى قد أشارت إلى حادثة قريبة من الواردة في التقرير ، حيث يذكر (ب.ج.سلوت) في كتابه (عرب الخليج) أثناء ذكره لمدينة القطيف :
(وفي أوائل القرن السابع عشر قامت هجرة كبيرة من البحرين إلى القطيف ، ويعطي كنيبهاوزن بعض التفاصيل عن المدينة الكبيرة المبنية بالحجارة ، ويصف كيف أن تجار البحرين وهم أساساً من الشيعة قد تركوا الجزيرة خلال الإضطرابات التي حصلت إلى القطيف)(2).
ولكن من المرجح أن الحادثة التي يتحدث عنها (سلوت) سابقة على الحادثة الواردة في التقرير الهولندي ، وحدثت لأسباب مختلفة ، وأظن أن هذه الحادثة هي التي يصفها التقرير الهولندي بـ(انحطاط البحرين).

وثيقة التقرير الهولندي :


نص الوثيقة :

(من ناحية أخرى ، يظل غواصو اللؤلؤ من عشيرة العتوب والحولة أربعة أشهر يغوصون على مرأى من جزيرة البحرين ، وينزلون يومياً إلى ساحلها ، ويقطعون أشجار نخيل التمر ، ويخربون الحدائق القريبة من الشاطئ ، فلا يجني أصحابها شيئاً منها ، فلا يستطيعون دفع ضرائبهم. بالتالي يهجرون أراضيهم ، يهربون إلى القطيف أو البصرة أو أي مكان آخر بينهما. ولا يستطيع الشيخ ناصر المذكور إيقاف هذه الغارات ، التي يشترك ببعضها حلفاؤه ، وببعضها الحولة الذين ينبغي عليه احترامهم. وليس لديه في البحرين قوة أو سفينة تخيف هؤلاء القوم)(4).

...................................................
(الهوامش) :
(1) يجب الإشارة إلى أن مصطلح (الهولة أو الحولة) الوارد في هذا التقرير يختلف عن المعنى الشائع اليوم في البحرين والخليج والذي أتسع كثيراً ليشمل كثيراً من العجم السنة أو غير العرب ، فمصطلح (الهولة) في الأساس كان يطلق على مجموعة محددة من العشائر العربية التي تسكن الساحل الشرقي للخليج دون غيرها ، حيث يشمل كل من (القواسم ، المرازيق ، آل علي ، بنو بشر ، بنو حماد ، بنو عبيدل ، آل حرم ، بنو مالك ، بنو تميم ، والمنصوري) ، فهذه العشائر هي المقصودة بـ (الهولة) في هذا التقرير دون غيرها ، وأما غيرهم من العشائر العربية المقيمة في الساحل الشرقي من الخليج –سوا من ذكرنا- مثل آل مذكور أو العتوب أو غيرهم ، فلا يعتبرون من الهولة. راجع مقال (عرب الهولة بين أحلام الجاهل وظلم المؤرخ) للدكتور جلال الهارون.
(2) راجع كتاب (سلطنة هرمز العربية) تأليف إبراهيم الخوري وأحمد التدمري . الجزء الثاني ، صفحة 222.
(3) كتاب عرب الخليج - ب.ج.سلوت ، صفحة 47.
(4) كتاب (سلطنة هرمز العربية) . الجزء الثاني ، صفحة 223.

الخميس، 16 مايو 2013

وثيقة عثمانية بتاريخ (981هـ/1573م) تشير إلى احتواء البحرين آنذاك على أكثر من 300 قرية


وثيقة من الأرشيف العثماني(1) تحتوي على رسالة مرسلة بتاريخ العاشر من شهر صفر سنة 981هـ من السلطان العثماني إلى الأمير العثماني على الإحساء يطلب منه فيها تزويده بمعلومات تفصيلية عن جزيرة البحرين -والتي كانت خاضعة للبرتغاليين - وعن كيفية فتحها وضمها إلى السلطنة العثمانية. وقد جاءت هذه الرسالة رداً على رسالة سابقة كان قد أرسلها قاضي الإحساء شرح فيها بعض أحوال البحرين وأشار إلى سهولة فتحها وضعف الحامية البرتغالية فيها.

وقد أشارت تلك الرسالة بشكل واضح إلى احتواء البحرين في ذلك الوقت على ما يزيد عن ثلاث مائة قرية عامرة ، وهو الذي يتوافق مع ما ذكره العديد من الرحالة والمؤرخين وكذلك ما كان شائعاً عند أهل البحرين من أن قراها كانت تزيد على الـ 360 قرية بعدد أيام السنة(2) ، إلا أن ما جرى عليها من الكوارث والحروب دمرت أكثر تلك القرى وشردت وأهلكت كثيراً من أهلها ، حتى لم يبق من قراها اليوم حتى ثلث ذلك العدد.

وينبغي أن ننوه إلى أن هذه الرسالة  تأتي ضمن فترة الصراع العثماني البرتغالي في المنطقة آنذاك ، فبعد سيطرة العثمانيين على كل من القطيف والإحساء توجهت أنظارهم إلى البحرين وكيفية فتحها وإجلاء البرتغاليين منها وإدخالها تحت السلطة العثمانية. وكانت هذه الخطوة مهمة بالنسبة للعثمانيين في سبيل الحد من النفوذ البرتغالي في الخليج وخطوة في سبيل القضاء على وجودهم بشكل نهائي من الخليج والمنطقة بشكل عام. ومصدر هذه الوثيقة هو كتاب (وثائق بحرية من قبودان السويس) للدكتور محمد محمود خليل.




نص الوثيقة :

(هذا حكم إلى أمير أمراء الحسا :
وصلت إلينا رسالة من قاضي الحساء ، يخبرنا في رسالته أن للبحرين أكثر من ثلاث مائة قرية ، ويكتب أحوال البحرين وسهولة فتحها ، ولكنكم ما كتبتم في رسالتكم كيف يمكن فتحها؟ وفي أي وقت يسهل؟ وكم عدة تلزم لفتحها؟ بأمركم أنه حين وصل إليكم حكمي تتبعوا الأحوال وأدعوا القاضي واسئلوا عنه هل هذه الأخبار صحيحة؟ وهل عساكر الجزيرة ضعيفة؟ وكيف يمكن فتحها؟ ، هل يجب إرسال العسكر من عندنا؟ إذا وجب في أي وقت أنسب وصولهم إليكم؟ بكم جندي يتيسر فتحها؟ كيف يجب الاستعداد لفتحها؟ كيف ماهية المسألة ومحصول الجزيرة؟ أكتبوا إلينا أجوبة هذه الأسئلة وسائر الأحوال المتعلقة بالجزيرة) انتهى. (3)



صورة الوثيقة العثمانية



-------------------------------------------
الهوامش :
(1)دفتر المهمة – الديوان الهمايوني : رقم 33 ص 43 حكم 92.
(2)قال الشيخ محمد علي العصفور في كتاب (تاريخ البحرين) المؤلف سنة 1901م :
(قال بعض مشايخنا : كان عدد قرى البحرين في الزمان السابق بعدد أيام السنة ، وبظلمهم ما بقي الآن سقوفها وفروشها ، فتلك بيوتهم خاوية علي عروشها)ا.هـ.
(3)وقع في ترجمة الوثيقة كثير من الأخطاء الواضحة ، ولكن فضلت إبقائها كما جاءت في المصدر.